كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



واعلم أن دعوى من ادعى من العلماء أن رواية البخاري في هذا الإسناد، عن أبي كامل فضيل بن حسين البصري بلفظ: وقال أبو كامل لها حكم التعليق غير مسلمة، بل الذي عليه الجمهور من المتأخرين أنَّ الراوي إذا قال: قال فلان، فحكم ذلك كحكم عن فلان ونحو ذلك، فالرواية بذلك متصلة، لا متعلقة إن كان الراوي غير مدلس، وكان معاصرًا لمن روى عنه بقال ونحوها، ولذا غلطوا ابن حزم في حديث المعازف حيث قال: إن قول البخاري في أول الإسناد: وقال هشام بن عمار تعليق وليس الحديث بمتصل، فغلطوه وحكموا للحديث بالاتصال، لأن هشام بن عمار من شيوخ البخاري والبخاري غير مدلس، فقوله: عن شيخه، قال فلان: كقوله عن فلان، وكل ذلك موصول لا معلق.
واعلم أن قول ان حجر في تهذيب التهذيب: إن البخاري روى عن فضيل المذكور تعليقًا، مخالف لمذهب الجمهور من المتأخرين، لأن قوله: وقال أبو كامل في حكم ما لو قال: عن أبي كامل، وكل ذلك يحكم بوصله عند المحققين، فقول ابن حجر في الفتح أقرب إلى الصواب من قوله في التهذيب.
وقد قال في فتح الباري في كلامه على الحديث المذكور، ويحتمل أن يكون البخاري أخذه عن أبي كامل نفسه، فإنه أدركه وهو من الطبقة الوسطى من شيوخه، ولم نجد له ذكرًا في كتابه غير هذا الموضع اتنهى منه.
ومعلوم أن أبا كامل مات سنة سبع وثلاثين ومائتين. وله أكثر من ثمانين سنة والبخاري مات سنة ست وخمسين ومائتين، وله اثنان وستون سنة، وبذلك تعلم معاصرتهما زمنًا طويلًا، وقد قال العراقي في ألفيته:
وإن يكن أول الإسناد حذف ** مع صيغة الجزم فتعليقًا ألف

ولو إلى آخره أما الذي ** لشيخه عزا بقال فكذى

عنعنة كخبر المعازف ** لا تصغ لابن حزم المخالف

وإذا علمت أنه في هذه الأبيات صرح بأن قوله: قال فلان: كقوله: عن فلان، تبين لك أن كل ذلك من قبيل المتصل، لا من قبيل المعلق، وقد قال العراقي في ألفيته أيضًا:
وصححوا وصل معنعن سلم ** من دلسه راويه واللقا علم

وبعضهم حكى بذا إجماعًا ** ومسلم لم يشرط اجتماعا

لَكِن تعاصرًا وقيل يشترط ** طول صحابة وبعضهم شرط

معرفة الراوي بالأخذ عنه ** وقيل كل ما أتانا منه

منقطع حتى يبين الوصل ** وحكم أن حكم عن فالجل

سووا وللقطع نحا البرديجي ** حتى يبين الوصل في التخريج

قال ومثله رأي ابن شيبه ** كذا له ولم يصوب صوبه

قلت الصواب أن من أدرك ما ** رواه بالشرط الذي تقدما

يحكم له بالوصل كيفما روى ** بقال أو عن أو بأن فوا

وما حكي عن أحمد بن حنبل ** وقول يعقوب على ذا نزل

وكثر استعمال عن في ذا الزمن ** إجازة وهو بوصل ما قمن

انتهى منه.
فترى العراقي رحمه الله جزم في الأبيات المذكورة، باستواء قال: فلان، وعن فلان، وأن فلانًا قال كذا: وأن الجميع من قبيل الوصل، لا من قبيل العلق بالشروط المذكورة. وحكى مقابله بصيغة التمريض في قوله:
وقيل كل ما أتانا عنه منقطع

إلخ.
وبه تعلم أن قول البخاري: وقال أبو كامل فضيل بن حسين الخ من قبيل المتصل لا من قبيل المعلق.
وقال صاحب تدريب الراوي: أما ما عزاه البخاري لبعض شيوخه بصيغة: قال فلان، وزاد فلان ونحو ذلك، فليس حكمه حكم التعليق عن شيوخ شيوخه، ومن فوقهم، بل حكمه حكم العنعنة من الاتصال بشرط اللقاء والسلامة من التدليس، كذا جزم به ابن الصلاح، قال: وبلغني عن بعض المتأخرين من المغاربة أنه جعله قسمًا من التعليق ثانيًّا، وأضاف إليه قول البخاري، وقال فلان، وزاد فلان فوسم كل ذلك بالتعليق، قال العراقي: وما جزم به ابن الصلاح ها هنا هو الصواب، وقد خالف ذلك في نوع الصحيح فجعل من أمثلة التعليق قال عفان.
كذا، وقال القعنبي كذا، وهما من شيوخ البخاري. والذي عليه عمل غير واحد من المتأخرين كابن دقيق العيد، والمزي، أن لذلك حكم العنعنة، قال ابن الصلاح هنا: وقد قال أبو جعفر بن حمدان النيسابوري، وهو أعرف بالبخاري: كل ما قال البخاري: قال لي فلان أوقال لنا فلان: فهو عرض ومناولة. انتهى محل الغرض منه. والنيسابوري المذكور هو المراد بالحيري في قول العراقي في ألفيته:
وفي البخاري قال لي فجعله ** خيريهم للعرض والمناوله

واعلم أن البخاري رحمه الله تعالى قد يقول: قال فلان مع سماعه منه لغرض غير التعليق.
قال ابن حجر في فتح الباري في شرح حديث المعازف المذكور ناقلًا عن ابن الصلاح، ولا التفات إلى أبي محمد بن حزم الظاهري الحافظ في رد ما أخرجه البخاري من حديث أبي عامر، أو أبي مالك الأشعري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الحِرَ والحرير والخمر والمعازف» من جهة أن البخاري أورده قائلًا: قال هشام بن عمار وساقه بإسناده، فزعم ابن حزم أنه منقطع فيما بين البخاري وهشام، وجعله جوابًا عن الاحتجاج به على تحريم المعازف، وأخطأ في ذلك من وجوه. والحديث صحيح معروف الاتصال، بشرط الصحيح، والبخاري قد يفعل مثل ذلك لكونه قد ذكر ذلك الحديث في موضع آخر من كتابه مسندًا متصلًا، وقد يفعل ذلك لغير ذلك من الأسباب التي لا يصحبها خلل الانقطاع انتهى منه.
وكون البخاري رحمه الله يعبر بقال فلان لأسباب كثيرة غير التعليق، يدل دلالة واضحة على أن الجزم في مثل ذلك بالتعليق بلا مستند، دعوى لم يعضدها دليل.
وقال ابن حجر في الفتح أيضًا في شرح الحديث المذكور: وحكى ابن الصلاح في موضع آخر: أن الذي يقول البخاري فيه قال فلان، يسمى شيخًا من شيوخه، يكون من قبيل الإسناد المعنعن. وحكى عن بعض الحفاظ أنّه يفعل ذلك فيما تحمله عن شيخه مذاكرة. وعن بعضهم أنه فيما يرويه مناوله. اهـ. وهو صريح في أن قوله: قال فلان: لا يستلزم التعليق.
فإن قيل: توجد في صحيح البخاري أحاديث يرويها بعض شيوخه بصيغة: قال فلان، ثم يوردها في موضع آخر بواسطة بينه، وبين ذلك الشيخ.
فالجواب من وجهين:
الأول: أنه لا مانع عقلًا ولا عادة، ولا شرعًا من أن يكون روى ذلك الحديث عن الشيخ مباشرة ورواه عنه أيضًا بواسطة مع كون روايته عنه مباشرة تشتمل على سبب من الأسباب المؤدية للتعبير بلفظة: قال المشار إليها آنفًا، والرواية عن الواسطة سالمة من ذلك.
الوجه الثاني: أنا لو سلمنا تسليمًا جدليًّا أن الصيغة المذكورة تقتضي التعليق، ولا تقتضي الاتصال، فتعليق البخاري بصيغة الجزم، حكمه عند علماء الحديث حكم الصحيح، كما هو معروف.
وقد قال ابن حجر في الفتح في الكلام على حديث المعازف ما نصه: وقد تقرر عند الحفاظ أن الذي يأتي به البخاري من التعليق كلها بصيغة الجزم، يكون صحيحًا إلى من علق عنه، ولو لم يكن من شيوخه. انتهى محل الغرض منه.
فتبين بما ذكرنا أن حديث ابن عباس المذكور الدال على أن المتمتع يسعى، ويطوف لحجه بعد الوقوف بعرفة، ولا يكتفي بطواف العمرة السابق، وسعيها نص صحيح على كل تقدير في محل النزاع.
ومنها: ما رواه الشيخان عن عائشة رضي الله عنها مما يدل على أن المتمتع يطوف لحجه بعد رجوعه من منى، قال البخاري في صحيحه: حدثنا عبد الله بن مسلمة، حدثنا مالك، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها زوج النَّبي صلى الله عليه وسلم قالت: خرجنا مع النَّبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، فأهللنا بعمرة، ثم قال النَّبي صلى الله عليه وسلم: «من كان معه هدي فليهل بالحج مع العمرة ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعًا» الحديث، وفيه قالت: فطاف الذين كانوا أهلوا بالعمرة بالبيت، وبين الصفا والمروة، ثم حلوا، ثم طافوا طوافًا آخر بعد أن رجعوا من منى، وأما الذين جمعوا الحج والعمرة، فإنما طافوا طوافًا واحدًا. اهـ منه.
وقال مسلم بن الحجاج في صحيحه: حدثنا يحيى بن يحيى التميمي، قال: قرأت على مالك عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع. الحديث، وفيه: فطاف الذين أهلوا بالعمرة بالبيت، وبالصفا والمروة، ثم حلوا، ثم طافوا طوافًا آخر بعد أن رجعوا من منى لحجهم: وأما الذين كانوا جمعوا الحج والعمرة، فإنما طافوا طوافًا واحدًا. انتهى منه.
فهذا نص صريح متفق عليه، يدل على الفرق بين القارن والمتمتع، وأن القارن يفعل كفعل المفرد والمتمتع يطوف لعمرته، ويطوف لحجه فلا وجه للنزاع في هذه المسألة بعد هذا الحديث، وحديث ابن عباس المذكور قبله عند البخاري. وقول من قال: إن المراد بالطواف الواحد في حديث عائشة هذا السعي، له وجه من النظر واختاره ابن القيم، وهو وجيه عندي.
فهذه النصوص تدل على صحة هذا القول المفرق بين القارن والمتمتع، وهو قول جمهور أهل العلم، وهو الصواب إن شاء الله تعالى.
أما من قال: إن المتمتع كالقارن يكفيه طواف واحد وسعي واحد، وهو رواية عن الإمام أحمد، فقد استدل بما رواه مسلم في صحيحه، قال: وحدثني محمد بن حاتم، حدثنا يحيى بن سعيد، عن ابن جُريج، ح. وحدثنا عَبْدُ ابْنُ حُمَيْدٍ، أخبرنا محمد بن بَكرٍ، أخبرنا ابن جُريج قال: أخبرني أبو الزُّبير أنه سمع جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول: لم يطف النَّبي صلى الله عليه وسلم، ولا أصحابه بين الصفا والمروة، إلا طوافًا واحدًا زاد في حديث محمد بن بكر طوافَهُ الأول. انتهى منه.
قال: من تمسك بهذا الحديث، هذا نص صحيح، صرح فيه جابر بأن النَّبي صلى الله عليه وسلم لم يطف هو ولا أصحابه إلا طوافًا واحدًا، ومعلوم أن أصحابه فيهم القارن، وهو من كان معه الهدي، وفيهم المتمتع، وهو من لم يكن معه هدي، وأذن ففي هذا الحديث الصحيح الدليل على استواء القارن والمتمتع في لزوم طواف واحد وسعي واحد.
وأجاب المخالفون عن هذا بأجوبة:
الأول: هو أن الجمع واجب إن أمكن، قالوا: وهو هنا ممكن بحمل حديث جابر هذا على أن المراد بأصحاب النَّبي صلى الله عليه وسلم الذين لم يطوفوا إلا طوافًا واحدًا للعمرة والحج، خصوص القارنين منهم، كالنَّبي صلى الله عليه وسلم، لأنه كان قارنًا بلا شك، وإن حمل حديث جابر على هذا كان موافقًا لحديث عائشة، وحديث ابن عباس المتقدمين، وهذا واضح كما ترى. قال في مراقي السعود:
والجمع واجب متى ما أمكنا ** إلا فللأخير نسخ بينا

وإنما كان قول العلماء كافة: أن الجمع إن أمكن وجب المصير إليه لأن إعمال الدليلين أولى من إلغاء أحدهما، كما هو معروف في الأصول.
الجواب الثاني: أنا لو سلمنا أن الجمع غير ممكن هنا في حديث جابر المذكور مع حديث عائشة، وحديث ابن عباس كما جاء في بعض الروايات، عن جابر عند مسلم بلفظ، لا يمكن فيه الجمع المذكور، وذلك ما أخرجه مسلم في صحيحه: حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا زهير، حدثنا أبو الزبير، عن جابر رضي الله عنه قال: «خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مهلين بالحج معنا النساء والولدان، فلما قدمنا مكة طفنا بالبيت وبالصفا والمروة، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: من لم يكن معه هديٌ فَلْيَحلل، قال: قلنا: أيُّ الحِلِّ؟ قال: الحِلُّ كُلُّهُ. قال: فأتينا النساء ولبسنا الثياب ومسسنا الطِّيبَ، فلما كان يوم التَّرْوِيَةِ أهللنا بالحج وكفانا الطواف الأول بين الصفا والمروة، فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نشترك في الإبل والبقر، كُلُّ سبعة منا في بَدَنَةٍ» انتهى.
ولفظ جابر في حديث مسلم هذا في هذه الرواية، لا يمكن حمله على القارنين بحال، لأنه صرح بأنهم حلوا الحل كله، وأتوا النساء ولبسوا الثياب ومسوا الطيب، وأنهم أهلوا يوم التروية بحج، ومع هذا كله صرح بأنهم كفاهم طوافهم الأول بين الصفا والمروة، فإن حديث جابر ينفي طواف المتمتع بعد رجوعه من منى، وحديث عائشة وحديث ابن عباس يثبتانه.
وقد تقرر في الأصول وعلوم الحديث أن المثبت مقدم على النافي، فيجب تقديم حديث ابن عباس وعائشة، لأنهما مثبتان على حديث جابر النافي.
الجواب الثالث: أن عدم طواف المتمتع بعد رجوعه من منى الثابت في الصحيح رواه جابر وحده، وطوافه بعد رجوعه من منى رواه في الصحيح ابن عباس، وعائشة، وما رواه اثنان أرجح مما رواه واحد.
قال في مراقي السعود، في مبحث الترجيح باعتبار حال المروي:
وكثرة الدليل والرواية ** مرجح لدى ذوي الدراية

وأما من قالوا: إن القارن والمتمتع يلزم كل واحد منهما طوافان وسعيان، طواف وسعي للعمرة، وطواف وسعي للحج كأبي حنيفة ومن وافقه، فقد استدلوا لذلك بأحاديث، ونحن نذكرها إن شاء الله هنا، ونبين وجه رد المخالفين لها من وجهين.
فمن الأدلة التي استدلوا بها على أن القارن يسعى ويطوف طوافين لحجه وعمرته، ما أخرجه النسائي في سننه الكبرى، ومسند على عن حماد بن عبد الرحمن الانصاري، عن إبراهيم بن محمد ابن الحنفية قال: طفت مع أبي، وقد جمع بين الحج والعمرة فطاف لهما طوافين، وسعى لهما سعيين، وحدثني أن عليًّا فعل ذلك، وحدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ذلك. انتهى بواسطة نقل صاحب نصب الراية، ثم قال بعد أن ساق الحديث كما ذكرنا.
قال صاحب التنقيح: وحماد هذا ضعفه الأزدي، وذكره ابن حبان في الثقات. قال بعض الحفاظ: هو مجهول، والحديث من أجله لا يصح. انتهى.
ومن أدلتهم على الطوافين والسعيين للمتمتع والقارن معًا: ما أخرجه الدارقطني عن الحسن بن عمارة، عن الحكم، عن مجاهد، عن ابن عمر: أنه جمع بين عمرة وحج قال: فطاف لهما طوافين، وسعى سعيين. وقال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع كما صنعت. انتهى وأخرجه عن الحسن بن عمارة، عن الحكم عن ابن أبي ليلى، عن علي قال: رأيت النَّبي صلى الله عليه وسلم قرن وطاف طوافين، وسعى سعيين. انتهى منه بواسطة نقل صاحب نصب الراية. ثم قال بعد أن ساقهما كما ذكرنا.
قال الدارقطني: لم يرهما غير الحسن بن عمارة، وهو متروك ثم هو قد روى عن ابن عباس ضد هذا ثم أخرجه عن الحسن بن عمارة، عن سلمة بن كهيل، عن طاوس قال: سمعت ابن عباس يقول: لا والله ما طاف لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا طوافًا واحدًا، فهاتوا من هذا الذي يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف لهما طوافين. انتهى.
وبالسند الثاني رواه العقيلي في كتاب الضعفاء فقال: حدثنا عبد الله بن محمد بن صالح السمرقندي، ثنا يحيى بن حكيم المقوم قال: قلت لأبي داود الطيالسي: إن محمد بن الحسن صاحب الرأي، حدثنا عن الحسن بن عمارة، عن الحكم عن ابن أبي ليلى، عن علي قال: فذكره.
فقال: أبو داود من هذا كان شعبة يشق بطنه من الحسن بن عمارة، وأطال العقيلي في تضعيف الحسن بن عمارة، وأخرجه الدارقطني أيضًا عن حفص بن أبي داود عن ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن علي بنحوه، قال: وحفص هذا ضعيف، وابن أبي ليلى رديء الحفظ كثير الوهم. وأخرجه أيضًا عن عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي، حدثني أبي، عن أبيه عن جده، عن علي: أن النَّبي صلى الله عليه وسلم كان قارنًا، فطاف طوافين، وسعى سعيين. انتهى. قال: وعيسى بن عبد الله، يقال له: مبارك، وهو متروك الحديث. انتهى من نصب الراية لأحاديث الهداية للزيلعي رحمه الله.
ومن أدلتهم على ذلك: ما أخرجه الدارقطني عن أبي بردة عمرو بن يزيد، عن حماد، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله قال: طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرته. وحجه، طوافين وسعى سعيين، وأبو بكر وعمر، وعلي وابن مسعود. قال الدارقطني: وأبو بردة متروك، ومن دونه في الإسناد ضفعاء.
ومن أدلتهم أيضًا: ما أخرجه الدارقطني أيضًا، عن محمد بن يحيى الأزدي، ثنا عبد الله بن داود، عن شعبة، عن حميد بن هلال، عن مطرف عن عمران بن الحصين: أن النَّبي صلى الله عليه وسلم طاف طوافين وسعى سعيين. انتهى. قال الدارقطني: يقال إن محمد بن يحيى حدث بهذا من حفظه، فوهم في متنه، والصواب بهذا الإسناد: أن النَّبي صلى الله عليه وسلم، قرن الحج، والعمرة، وليس فيه ذكر الطواف ولا السعي، ويقال: إنه رجع عن ذكر الطواف والسعي، وحدث به على الصواب. كما حدثنا به محمد بن إبراهيم بن نيروز، ثنا محمد بن يحيى الأزدي به: أن النَّبي صلى الله عليه وسلم قرن. انتهى قال: وقد خالفه غيره فلم يذكر فيه الطواف، ولا السعي، كما حدثنا به أحمد بن عبد الله بن محمد بن الوكيل، ومحمد بن مخلد قالا: ثنا القاسم بن محمد بن عباد المهلبي، ثنا عبد الله بن داود، عن شعبة بهذا الإسناد: أن النَّبي صلى الله عليه وسلم قرن. اهـ. انتهى كله من نصب الراية.